كتبت: منه الخولي
قال الله تعالى” وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (281)}، فما تفسيرها؟
أوضح الشيخ الشعراوي رحمه الله تفسيرها وقال:
أي أن نفعل ما يجعل بيننا وبين النار وقاية، فالنار من متعلقات صفات الجلال. وهاهو ذا الحق سبحانه هنا يقول: {واتقوا يَوْماً}، فهل نتقي اليوم، أو نتقي ما ينشأ في اليوم؟ إن اليوم ظرف زمان، والأزمان لا تُخاف بذاتها، ولكن يخاف الإنسان مما يقع في الزمن.
لكن إذا كان شيء في الزمن مخيفاً، إذن فالخوف ينصب على اليوم كله، لأنه يوم هول؛ كل شيء فيه مفزّع ومخوف، وقانا الله وإياكم ما فيه من هول،
وانظر إلى الدقة القرآنية المتناهية في قوله:
{تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى الله}.
إن الرجوع في هذا اليوم لا يكون بطواعية العباد ولكن بإرادة الله. وسبحانه حين يتكلم عن المؤمنين الذين يعملون الصالح من الأعمال؛ فإنه يقول عن رجوعهم إلى الله يوم القيامة: {واستعينوا بالصبر والصلاة وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلاَّ عَلَى الخاشعين الذين يَظُنُّونَ أَنَّهُم ملاقوا رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ} [البقرة: 45-46].
ومعنى ذلك أن العبد المؤمن يشتاق إلى العودة إلى الله؛ لأنه يرغب أن ينال الفوز.
أما غير المؤمنين فيقول عنهم الحق: {يَوْمَ يُدَعُّونَ إلى نَارِ جَهَنَّمَ دَعًّا} [الطور: 13].أي: يُساقون إليها دَفْعاً شديداً قوياً، دَفْعاً فيه إهانة لهم، ومن الذي يدفعهم نحو النار؟ إنهم الملائكة.
ووالله لو كانوا بشراً لكان كافياً في إذلالهم، كما ندفع المجرم في الدنيا إلى باب السجن مثلاً، فما بالك حين تدفعهم ملائكة العذاب إلى داخل النار، فإذا دخلوها تتلقَّاهم ملائكة أخرى لهم معهم مهمة أخرى:
{ يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي ٱلنَّارِ عَلَىٰ وُجُوهِهِمْ ذُوقُواْ مَسَّ سَقَرَ }
[القمر: 48].
إذن: الدَّعّ هنا يتناسب وقوة الملائكة، فكيف يكون؟ ومن الإهانة لهم أنْ يقابلهم الملائكة بهذه الحقيقة: { هَـٰذِهِ ٱلنَّارُ ٱلَّتِي كُنتُم بِهَا تُكَذِّبُونَ } [الطور: 14] أصبحتْ عياناً تشاهدونها، وتقاسون حرَّها.
إن رجوع غير المؤمنين يكون رجوعاً قسرياً لا مرغوباً فيه.
والرجوع إلى الله سبحانه وتعالى أمر يقيني. فمادمت قد جئت إلى الدنيا مخلوقا من الله فأنت لا محالة سترجع إليه.
وهذا اليوم يجب أن نحتاط له. حيطة كبرى. وأن نترقبه. لأنه يوم عظيم.. والحق سبحانه يقول: {ياأيها الناس اتقوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ الساعة شَيْءٌ عَظِيمٌ يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّآ أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى الناس سكارى وَمَا هُم بسكارى ولكن عَذَابَ الله شَدِيدٌ}.. [الحج: 1-2].
ويقول جل جلاله: {فَكَيْفَ تَتَّقُونَ إِن كَفَرْتُمْ يَوْماً يَجْعَلُ الولدان شِيباً}.. [المزمل: 17].