كتبت: منه الخولي
قال الأستاذ الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الاوقاف، أن الحياء خلق، الحياء سلوك، الحياء خير كله، الحياء شعبة من شعب الإيمان، مسترشداً بقوله (صلى الله عليه وسلم):” الإِيمَانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ، أَوْ بِضْعٌ وَسِتُّونَ شُعْبَةً، فَأَفْضَلُهَا قَوْلُ: لَا إِلَهَ إِلَّا الله، وَأَدْنَاهَا إِمَاطَةُ الأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ، وَالْحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنَ الإِيمَانِ”، ويقول (صلى الله عليه وسلم): “إِنَّ مِمَّا أَدْرَكَ النَّاسُ مِنْ كَلامِ النُّبُوَّةِ الأُولَى: إِذَا لَمْ تَسْتَح فَاصْنَعْ مَا شِئْتَ”، ويقول (صلّى اللّه عليه وسلّم): “اسْتَحْيُوا مِنَ الله حَقَّ الْحَيَاءِ” قَالَ: قُلْنَا: يَا رَسُولَ الله, إِنَّا لَنَسْتَحْيِي وَالْحَمْدُ لله، قَالَ: “لَيْسَ ذَاكَ وَلَكِنَّ الِاسْتِحْيَاءَ مِنَ الله حَقَّ الْحَيَاءِ أَنْ تَحْفَظَ الرَّأْسَ وَمَا وَعَى، وَتَحْفَظَ الْبَطْنَ وَمَا حَوَى، وَتَتَذَكَّرَ الْمَوْتَ وَالْبِلَى، وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ تَرَكَ زِينَةَ الدُّنْيَا، فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَقَدِ اسْتَحْيَا مِنَ الله حَقَّ الْحَيَاءِ”, وعن سعيد بن زيد الأنصاريّ (رضي اللّه عنه) أَنَّ رَجُلًا قَالَ: “يَا رَسُولَ الله، أَوْصِنِي، قَالَ: “أُوصِيكَ أَنْ تَسْتَحْيِيَ مِنَ الله عَزَّ وَجَلَّ كَمَا تَسْتَحْيِي رَجُلًا مِنْ صَالِحِي قَوْمِكَ”, وعن أشجّ عبد القيس أنّه قال: قَالَ لِي رَسُولُ الله (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): “إِنَّ فِيكَ خَلَّتَيْنِ يُحِبُّهُمَا اللهُ ” قُلْتُ: مَا هُمَا؟ قَالَ: “الْحِلْمُ، وَالْحَيَاءُ ” قُلْتُ: أَقَدِيمًا كَانَ فِيَّ أَمْ حَدِيثًا؟ قَالَ: “بَلْ قَدِيمًا ” قُلْتُ: الْحَمْدُ لله الَّذِي جَبَلَنِي عَلَى خَلَّتَيْنِ يُحِبُّهُمَا، وعن أنس (رضي اللّه عنه) قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): “إِنَّ لِكُلِّ دِينٍ خُلُقًا، وَخُلُقُ الْإِسْلَامِ الْحَيَاءُ”, وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ (رضي اللّه عنه) قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): “الْحَيَاءُ مِنَ الْإِيمَانِ، وَالْإِيمَانُ فِي الْجَنَّةِ، وَالْبَذَاءُ مِنَ الْجَفَاءِ، وَالْجَفَاءُ فِي النَّارِ”, ويقول (صلّى اللّه عليه وسلّم): “مَا كَانَ الْفُحْشُ فِي شَيْءٍ قَطُّ إِلَّا شَانَهُ، وَلَا كَانَ الْحَيَاءُ فِي شَيْءٍ قَطُّ إِلَّا زَانَهُ”.
وأضاف: كان سيدنا عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ (رِضْوَانُ الله عَلَيْهِ) يقول: “مَنْ قَلَّ حَيَاؤُهُ قَلَّ وَرَعُهُ، وَمَنْ قَلَّ وَرَعُهُ مَاتَ قَلْبُهُ”، وكان ابن مسعود (رضي الله عنه) يقول: “مَنْ لاَ يَسْتَحْيِي مِنَ النَّاسِ، لاَ يَسْتَحْيِي مِنَ الله”، وعن إِيَاس بْن مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ، قَالَ: كُنَّا عِنْدَ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ فَذُكِرَ عِنْدَهُ الْحَيَاءُ، فَقَالَ: الْحَيَاءُ مِنَ الدِّينِ, وكان الْحَسَنَ البصري يَقُولُ: “الْحَيَاءُ وَالتَّكَرُّمُ خَصْلَتَانِ مِنْ خِصَالِ الْخَيْرِ لَمْ يَكُونَا فِي عَبْدٍ إِلَّا رَفَعَهُ الله عَزَّ وَجَلَّ بِهِمَا”، وَقَالَ يَحْيَى بْنُ مُعَاذٍ: “منِ اسْتَحْيَا مِنَ الله مُطِيعًا اسْتَحْيَا الله مِنْهُ وَهُوَ مُذْنِبٌ”، وذكر ابن عبد البرّ عن سيدنا سليمان (عليه السّلام) أنه كان يقول: الحياء نظام الإيمان، فإذا انحلّ النّظام ذهب ما فيه، وعن معبد الجهنيّ أنه قال في قوله تعالى: “وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ”, قال: لباس التّقوى الحياء، وقال الحسن: أربع من كنّ فيه كان كاملا، ومن تعلّق بواحدة منهنّ كان من صالحي قومه: دين يرشده، وعقل يسدّده، وحسب يصونه، وحياء يقوده, وقال الأصمعيّ: سمعت أعرابيًّا يقول: من كساه الحياء ثوبه لم ير النّاس عيبه، وعن عائشة (رضي اللّه عنها) قالت: “إِنَّ مَكَارِمَ الْأَخْلَاقِ عَشَرَةٌ: صِدْقُ الْحَدِيثِ، وَصِدْقُ الْبَأْسِ فِي طَاعَةِ الله، وَإِعْطَاءُ السَّائِلِ، وَمُكَافَأَةُ الصَّنِيعِ، وَصِلَةُ الرَّحِمِ، وَأَدَاءُ الْأَمَانَةِ، وَالتَّذَمُّمُ لِلْجَارِ، وَالتَّذَمُّمُ لِلصَّاحِبِ، وَقِرَى الضَّيْفِ، وَرَأْسُهُنَّ الْحَيَاءُ”.
وأكد وزير الاوقاف أننا في أمس الحاجة إلى التخلق بهذا الخلق الذي لا يكون في شيء إلا زانه، ولا ينزع من شيء إلا شانه، حياء من الله تعالى باتباع أوامره واجتناب نواهيه، وحياء من رسول الله (صلى الله عليه وسلم) باتباع سنته، وحياء من الخلق بألا يظهر الإنسان أمامهم صغيرًا في أعينهم، وحياء من النفس بحملها على ما يزين، وكفها عما يشين.