كتبت: منه الخولي
انطلاقًا من دور الأزهر الدعوي والاجتماعي ومواجهته للظواهر السلبيَّة في المجتمع؛ لما تسببه من هدمٍ للأوطان والمجتمعات، وزعزعةٍ للثقة المتبادَلة بين أفراد الوطن الواحد، تُقدِّم مجلة الأزهر الشريف لقرائها في عددها الحالي، شهر “شعبان” لعام 1445هـ، كتاب “الإشاعات الكاذبة وكيف حاربها الإسلام”، بقلم فضيلة الإمام الأكبر أ. د/ محمد سيد طنطاوي، شيخةالأزهر السابق، باعتباره هديةً مع مجلة الأزهر.
يتناول الكتاب ظاهرة الشائعات الكاذبة من حيث مفهومها وتاريخها مستعرضًا بدايتها، وما وقع للأنبياء بسببها، ومما ساقه المرجفون والمنافقون في حقِّهم وحقِّ نسائهم وحقِّ دعواتهم وأركانها، وكل ذلك بأسلوبٍ سهلٍ وعبارةٍ واضحةٍ تناسب الجميع على اختلاف ثقافته وتنوع مداركه.
ويؤكِّد أ. د/ محمد سيد طنطاوي في طليعة كتابه، أن سنَّة الله في خلقه اقتضت أن يجعل هذه الحياة نزاعًا موصولًا بين الخير والشر، وصراعًا مستمرًّا بين الحق والباطل، وخلافا قلَّما يهدأ بين الأخيار والأشرار، وبين العقلاء والسفهاء، وبين المصلحين والمفسدين، مشيرًا إلى أن من أقبح القبائح التي سلكها الأشرار لمحاربة الأخيار قذفهم لهم بما هم بريئون منه، وإشاعتهم للأكاذيب التي يتنزه عنها هؤلاء الأخيار.
ويشير المؤلف إلى أمرٍ غاية في الخطورة، وهو أنه إذا كان تصديق الإشاعات الكاذبة في كل زمان ومكان، يؤدي إلى النكبات التي تلحق بالأفراد والجماعات، فإن تصديقها في زماننا هذا -الذي تعددت فيه وسائل الاتصالات- هو أشد شرًّا، وأقبح مصيرًا، وأسوأ عاقبةً، ولا سيما في أيام الحروب والأزمات.
ويكشف شيخ الأزهر الراحل، عن أنجح الوسائل للقضاء على الإشاعات الكاذبة، فيذكر منها: التثبت من صحة ما يُقال ويُسمع، ورد الأمور إلى مصادرها الأصلية الصحيحة، وسؤال أهل العلم عما خَفِيَ من أحكام، وغرس الروح المعنوية العالية في الأمة، وكتمان هذه الإشاعات وعدم تردادها، وقذفها بالحقائق الثابتة، وبالأدلَّة القاطعة التي تهدمها وتبطلها، وتجعل كل عاقلٍ يسخر من مروجيها، وتغليب حسن الظن بين أفراد المجتمع، فإن سوءَ الظن -دون موجب له- قبيح بالعقلاءِ.
وينبِّه المؤلف في خاتمة كتابه إلى أنه قد دلَّت حقائق التاريخ، وتجارب الأيام، أنَّ الإشاعات سلاح خطير، يمزق الأمم، ويفرق الجماعات، ويجعل الأفراد يسيء بعضهم الظن ببعض، ويؤدي إلى شيوع الكراهية وعدم الثقة بين الحاكمين والمحكومين. كما دلَّت وقائع الأيام على أن أسرع الأمم تصديقًا للإشاعات الكاذبة، هي الأمم الجاهلة، التي لا تحسن تقدير العواقب، ولا تضع الأمور في مواضعها الصحيحة؛ ولا قدرة لها على النقد والتمحيص، أما الأمم العاقلة الرشيدة، التي يكثر فيها عدد الأسوياء، فهي بعيدة عن تصديق الإشاعات، وعن أن تُروَّج فيها الأقاويل التي لا أساس لها من الصحة؛ لأن أفرادها ربطت بينهم روح الإيمان الصادق، والإخاء الخالص، فصاروا كالبنيان المرصوص يشد بعضُه بعضًا، وأصبح كل فرد فيها يُغلِّب حسنَ الظنِّ على سوء الظن.
ويشتمل الكتاب على المباحث التالية: الإشاعات الكاذبة موجودة منذ فجر التاريخ، جانب مما أشاعه المكذبون عن نبيهم نوح عليه السلام، جانب مما أشاعه قوم هود عليه السلام عنه، جانب مما أشاعه المكذبون عن نبيهم صالح عليه السلام، جانب مما أشاعه أعداء موسى عليه السلام عنه، جانب مما أشاعه المشركون عن نبيهم شعيب عليه السلام، جانب مما أشاعه أعداء الحق عن النبي صلى الله عليه وسلم، جانب مما أشاعه المنافقون عن السيدة عائشة رضي الله عنها، جانب مما أشاعه المشركون عن القرآن الكريم، جانب آخر مما أشاعه الجاهلون عن القرآن الكريم، جانب مما أشاعه المنكرون لليوم الآخر، من ثمرات الإيمان باليوم الآخر، جانب من الآثار السيئة للإشاعات الكاذبة، وسائل القضاء على الإشاعات الكاذبة، هل حارب المسلمون أعداءهم بالإشاعات؟