كتبت: منه الخولي
أشاد فضيلة الدكتور سلامة جمعة داود، رئيس جامعة الأزهر، بتاريخ كلية اللغات والترجمة العريق وأعلامها الثقات الذين أسهموا في مسيرة الترجمة بجميع تخصصاتها منذ عدة عقود، جاء ذلك خلال كلمته في افتتاح فعاليات المؤتمر الدولي الرابع للكلية الذي يقام تحت عنوان: (التكنولوجيا والترجمة وتعليم اللغات آفاق وتحديات) ويقام تحت رعاية كريمة من فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف.
وأوضح رئيس الجامعة أنه قضى ليلة أمس في قراءة الجزء الأول من كتاب: (تاريخ كلية اللغات والترجمة) الذي كتبه المؤرخ الدكتور حازم محفوظ، الأستاذ بالكلية، وقدم له الدكتور حامد أبو أحمد، عميد الكلية الأسبق؛ حيث رأي كيف نشأت الكلية العملاقة في أحضان كلية اللغة العربية بالقاهرة قسمًا للغات، ثم كيف سار قطار الزمان فتحول القسم إلى كلية اللغات والترجمة ووصلت إلى ما هي عليه اليوم من التوسع في الأقسام العلمية؛ لتوفير الأعداد الكافية لتدريس اللغات الأجنبية بالمعاهد الأزهرية في جميع ربوع مصر، وأنشئت بها شعب للدراسات الإسلامية باللغات المختلفة؛ لتأهيل الخريجين القادرين على حمل أمانة الدعوة الإسلامية باللغات الأجنبية؛ ليؤدوا عن الأزهر الشريف فريضة نشر الدعوة الإسلامية في العالم الغربي.
ونبه رئيس الجامعة القائمين على أمر هذه الكلية الرائدة والسادة أعضاء هيئة التدريس فيها بمشروع ترجمة الألف كتاب الأولى التي اكتمل صدورها في عام 2006م؛ ليكملوا المسيرة في ترجمة الألف كتاب الثانية والثالثة والرابعة وهَلُمَّ جَرًّا.
وأوضح فضيلته أن هذه الترجمات من أهم أهداف هذه الكلية وغاياتها النبيلة، مشيرًا إلى أنه صدر قرار لعميد الكلية منذ فترة بتشكيل اللجان اللازمة لذلك، واختيار الكتب التي لها قيمة علمية؛ للقيام بترجمتها في هذا المشروع.
وبين رئيس الجامعة أنه من الخطوات المهمة التي تقوم بها الجامعة وتعول فيها على هذه الكلية الرائدة مشروع ترجمة البحوث المتميزة المنشورة لأعضاء هيئة التدريس هذا العام في المجلات العلمية المحكمة بالجامعة في الكليات العربية والشرعية لتترجم إلى اللغة الإنجليزية؛ لرفع التصنيف العالمي للجامعة في التصنيفات التي لا تقوم إلا على البحوث المنشورة باللغة الإنجليزية؛ وكانت البحوث المنشورة في الكليات العربية والشرعية خارج هذا التصنيف، لافتًا إلى أن هذه الكليات الأصيلة يتميز بها الأزهر الشريف عن جميع كليات العالم؛ ولأجلها قصده الوافدون من أكثر من مائة وأربعين دولة في العالم.
وبين رئيس الجامعة أن الترجمة هي رسول الفكر والثقافة بين الشعوب المختلفة الألسنة، وما تقدم الغرب إلا بترجمة علومنا وتراثنا إلى لغته، كما بيَّن أن العالم الفيزيائي الفرنسي “بيير كوري” الفائز بجائزة نوبل في الفيزياء عام 1903م قال: «تمكنا من تقسيم الذرة بالاستعانة بثلاثين كتابًا بقيت لنا من الحضارة الأندلسية، ولو لم تحرق كتب المسلمين لكنا اليوم نتجول بين المجرات»؛ هذا كلامُه وهو عندي معتبر.
وقال رئيس الجامعة: قرأت في الكتاب الذي أسس علم البلاغة كلمة للإمام عبد القاهر الجرجاني مؤسس هذا العلم يقول في كتابه الفذ “أسرار البلاغة” : «إن علماء العرب في زمانه في القرن الخامس الهجري كتبوا أجلادًا -أي: مجلدات- في الجزء الذي لا يتجزأ»، واربط بين كلمة الجرجاني وكلمة بيير كوري الفرنسي مع أن بينهما أكثر من ألف عام تجد الخيط واحدًا.