كتبت: منه الخولي
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله ﷺ: مَن جلس في مجلسٍ، فكثر فيه لغطُه، فقال قبل أن يقوم من مجلسه ذلك: سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك؛ إلا غُفر له ما كان في مجلسه ذلك”
والمقصود باللغط هو الكلام الذي فيه جلبة واختلاط، وإنما ترتب على هذا الذكر مغفرة ما كسب في ذلك المجلس لما فيه من تنزيه الله سبحانه والثناء عليه بإحسانه والشهادة بتوحيده، ثم سؤال المغفرة منه وهو الذي لا يخيب سائلاً صادقًا.
فالله عز وجل يغفر له ما كان في مجلسه ذلك من اللغط أي: من كثرة الكلام فيما يعني وفيما لا يعني، والإنسان يحاسب نفسه على ما يتكلم به، فإذا جلس في مجلس مع الناس فالأصل أن المؤمن يعلم أنه ما خلق إلا لعبادة الله سبحانه، والأصل أن يذكر الله سبحانه، وأن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، فإذا جلس في المجلس فضحك كثيراً وكثر كلامه ناسياً.
وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: «قلما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوم من مجلس حتى يدعو بهؤلاء الدعوات لأصحابه: اللهم اقسم لنا من خشيتك ما يحول بيننا وبين معاصيك، ومن طاعتك ما تبلغنا به جنتك، ومن اليقين ما تهون به علينا مصائب الدنيا، ومتعنا بأسماعنا، وأبصارنا، وقوتنا ما أحييتنا، واجعله الوارث منا، واجعل ثأرنا على من ظلمنا، وانصرنا على من عادانا، ولا تجعل مصيبتنا في ديننا، ولا تجعل الدنيا أكبر همنا ولا مبلغ علمنا، ولا تسلط علينا من لا يرحمنا» . رواه الترمذي وإسناده حسن.
ومن آداب المجالسِ:
أن يختار المسلمَ جليسًا صالحًا له، ودليل ذلك قول الله -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ). ومن الآداب أيضًا الاجتماع على ذكر الله وأن يكون محور حديث المجلسِ يدور حولَ ذكر الله.
ومن الآداب التي ينبغي مراعاتها في المجالسِ، أن يجلسَ المسلمُ حيث ينتهي به المجلس، وقد بيَّن هذا الأدب الصحابي جابر بن عبد الله -رضي الله عنه- حيث قال: (كنَّا إذا أتَينا النَّبيَّ -صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّم- جلَسَ أحدُنا حيثُ ينتَهي). عدم الجلوس مكان رجلٍ آخر وجه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- المسلمينَ إلى عدمَ إقامة أحد الجلوسِ من مكانه، للجلوسِ في ذاتِ مجلسهِ، حيث قال: (لا يُقِيمُ الرَّجُلُ الرَّجُلَ مِن مَقْعَدِهِ، ثُمَّ يَجْلِسُ فيه ولَكِنْ تَفَسَّحُوا وتَوَسَّعُوا).
حكم دعاء كفارة المجلس:
كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يداوُم عليه، ولا يُفارقُ مجلسه إلا بعد ترديده، وقد كان السلف الصالح -رضي الله عنهم جميعًا- يواظبونَ عليهِ أيضًا، ومن هذا المنطلق يُمكن القول بأنَّه يُندب للمسلمِ ترديد دعاءِ كفارة المجلسِ عند القيامِ من مجلسهِ، وعدم تركه إلَّا لعذرٍ