كتبت: منه الخولي
افتتح قيادات الأزهر الشريف الدورة التدريبية للأئمة والوعاظ وأساتذة المعاهد الإسلامية الإندونيسية بحضور وفد مؤسسة السلام في العالمين للزكاة والأوقاف، وممثلي السفارة الإندونيسية بالقاهرة
وأكد الدكتور سلامة داود، رئيس جامعة الأزهر، أن هذه الدورات التدريبية التي يحرص عليها أبناء إندونيسيا تعد من باب الجهاد في العلم، وأن علاقة الأزهر بإندونيسيا راسخة في التاريخ وممتدة في العصر الحديث، مقدمًا الشكر لمؤسسة السلام في العالمين؛ لرعايتها لطلاب إندونيسيا وتجهيزهم للدراسة في الأزهر الشريف، وهو عمل ثوابه كبير؛ لأنه تجهيز لمن يؤدون أمانة الكلمة التي قال الله عنها: {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولًا سديدًا}، وكل من يبني كلمته على أسس غير ثابتة فلا قيمة له.
وأضاف الدكتور نظير عياد، أمين عام مجمع البحوث الإسلامية، أن اللقاء حلقة متواصلة بدأها الأزهر الشريف لإعداد جيلٍ متميزٍ يحمل رسالة الإسلام للعالم، مشيرًا إلى أن السلام لا يتحقق إلا بنشر العلم، وإعداد الكوادر والباحثين والداعين إلى الله تعالى، وهو ما ينبغي أن تسير عليه كل المؤسسات اقتداء بالأزهر الشريف وبمؤسسة السلام في العالمين التي تسير على نهجه.
وأوصى الدعاة اغتنام هذه الفرص التي تساعدهم في تلقي العلم من أساتذة متخصصين، ونقله لغيرهم، مؤكدًا أن الطلاب الإندونيسيين يتميزون بحرصهم الشديد على العلم والتعلّم؛ ولذا فهم لهم مكانة خاصة لدى الأزهر الشريف وجميع قطاعاته؛ كما أن لديهم اهتمامًا كبيرًا بتحصيل العلوم العقلية والشرعية، وما لهذه العلوم من أهمية في تنوير الطلاب ودعم قدراتهم العلمية بمفاهيم صحيحة عن الإسلام تقدمه في صورته الحقيقية، حتى يعودوا إلى بلادهم سفراء للأزهر الشريف ينقلون منهجه الوسطي بين أقرانهم.
وأشارت الدكتورة نهلة الصعيدي، مستشارة فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر الشريف لشئون الوافدين رئيس مركز تطوير تعليم الوافدين والأجانب، إلى أن كلية العلوم الإسلامية أنشأها فضيلة شيخ الأزهر الشريف لتكون نبراسًا للعلم في كل مكان، مقدمة الشكر لفضيلته؛ لما يقدمه من رعاية واهتمام بالوافدين وما يوفره لهم من سبل الراحة التي تمكنهم من الدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، ولرئيس الجامعة الذي لا يتوانى عن دعم كلية الوافدين وطلابها، وأوضحت أنها عادت منذ أيام من إندونيسيا ورأت ما يحمله الإندونيسيون من محبة مخلصة للأزهر الشريف وعلمائه.
ولفت الدكتور حسن الصغير، رئيس أكاديمية الأزهر لتدريب الدعاة، إلى أن الأكاديمية أنشئت لتجديد الخطاب، ومواكبة العصر، والتصحيح للمفاهيم، مشيرًا إلى أن بعض أعداء الإسلام يسعون في تشويه صورته، وهو ما يستوجب علينا بيان وسطيته ومواجهة هؤلاء الأعداء بالفكر المعتدل.
وقدم السيد محمد زعيم، نائب سفير إندونيسيا، الشكر للأزهر الشريف بقيادة فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف؛ لما يقدمه من كرم الضيافة وحفاوة الاستقبال وكمال الرعاية والمحبة العميقة لأهل إندونيسيا، واحتصانه -مرات بعد المرات- دورات تدريبية لرفع كفاءة الأئمة والوعاظ ومدرسي المعاهد الإسلامية من دولتنا، وهو ما يدل على علاقة الأزهر الوطيدة الممتدة عبر الزمان مهما ابتعدت هذه المسافات، كما أنها ترجمة صادقة عن كرم أهل مصر الشقيقة واهتمام الأزهر المستمر بتطوير ملف الوافدين، وحرصه على دعمهم؛ لتصحيح المفاهيم وتفنيد الأفكار المتطرفة.
كما أعرب عن خالص شكره لمؤسسة السلام في العالمين التي تتضامن مع الأزهر الشريف، وتعمل بنشاط مع الحكومة الإندونيسية لتطوير المجال التعليمي والاجتماعي والدعوي، وتعنى بتنمية الموارد البشرية، كما أعرب عن تقديره للمدرسين الإندونيسيين المشاركين الذين قطعوا أميالًا، وبذلوا أموالًا وقد فارقوا أهلًا وأحبابًا؛ رغبة في رضا المولى -عز وجل- ورحماته، وحرصًا على العلوم النافعة من خلال هذه الدورة التدريبية من ينابيعها الأصيلة في الأزهر الشريف.
واستكمل فضيلته قائلًا: إننا بحاجة ماسة إلى مثل هذه التدريبات في زمن سادت فيه التغييرات، والمعلومات استفاضت كالطوفان، فيجب على المعلمين والدعاة أن يكونوا على وعي دائم، وأن يتكيفوا بسرعة مع التطورات الحالية، والكشف عن احتياجات المجتمع. ويُطلب من الدعاة أيضًا الاستمرار في صقل مهاراتهم؛ حتى يمكنهم تأدية مهامهم، ونقل رسالة الدعوة ونشرها في جميع جوانب الحياة.
إذن، لقد صدق قول شيوخنا الذين علمنا قولًا وثقناه أثناء أداء واجباتنا الدعوية والتعليمية والوظيفية: “المادة مهمة، لكن الطريقة أهم من المادة، الطريقة مهمة ولكن المدرس أهم من الطريقة، وروح المدرس أهم من المدرس نفسه”.
وأهاب بالدارسين المواصلة في طلب العلم، وتعزيز المهارات والخبرات من أجل بناء مستقبل أكثر إشراقًا؛ لأن المعارف والمهارات هي الزاد الرئيس في الحياة؛ لأن المستقبل ليس سهلًا لكم، وسيجعلك في تنافس شديد، والمنافسة ستكون أكثر صرامة. فقط أولئك الذين لديهم المعارف والمهارات قادرون على المنافسة، وكسفير للأزهر الشريف عليك أن تحافظ على السمعة والصورة الطيبة للأزهر الشريف الذي يعرف بأنه محور الحضارة الإسلامية، وبحفاظكم على سمت الأزهر الشريف الطيب أسهمتم وستسهمون في خلق عالم متسامح ومسالم وعادل. وتذكر أنه لكي تحافظ على سمعة الأزهر الشريف الطيبة ليس عليك أن تنتظر أن تصبح ثريًّا أو تتمتع بمكانة رفيعة، ولكن ببساطة أظهر السلوك الأزهري، وهو السلوك الذي يعكس القيم النبيلة ومنهج التوسّط كما تعلمت أنت في الأزهر الشريف.
وأشار الدكتور أنانج ركزا مشهدي، مدير هيئة الرقابة الشرعية بمؤسسة السلام في العالمين، إلى أن هذا اللقاء يؤكد عمق التعاون بين مصر وإندونيسيا، وأن الأزهر الشريف من النعم التي أفاض الله بها علينا؛ فقد استفدنا قيمًا كثيرة منه، فهو مصنع العلماء الذين ينذرون قومهم إذا رجعوا إليهم.
وأضاف الدكتور نزار مشهدي، أمين المؤسسة، أن علاقة مصر وإندونيسيا تتميز بقوتها .