كتبت: رنا الخياط
مع وجود عينين وفم، لا يحتاج الدماغ إلى الكثير من الوقت لتكوين وجه بشري. إذا كنت تميل إلى ملاحظة أن الأشياء الجامدة من حولك لها وجوه، فأنت لست وحدك.
كما اوضحة الدراسة جديدة نُشرت في مجلة Psychological Science، فإننا نعالج هذه الوجوه “المزيفة” باستخدام نفس الآليات البصرية في أدمغتنا كما هو الحال عندما نرى وجوهًا حقيقية.
الوجوه الزائفة ذات المشاعر
ووفقًا للباحث الرئيسي الدكتور كولين بالمر من كلية علم النفس في جامعة نيو ساوث ويلز في سيدني، فإن رؤية الوجوه على الأشياء اليومية أمر شائع جدًا، وهناك العديد من الميمات وصفحات الويب التي تحمل وجوهًا على الإنترنت.
يقول بالمر: “إن الميزة الرائعة لهذه الأشياء هي أنها لا تشبه الوجوه فحسب، بل يمكنها أيضًا أن تنقل الشخصية والمعنى الاجتماعي”. “على سبيل المثال، قد تبدو النافذة في منزلك وكأنها عين تنظر إليك، أو قد تبدو حبة فلفل تجعلك سعيدًا”.
كيف يحدث ذلك؟
اختبرت هذه الدراسة الجديدة ما إذا كانت نفس آليات الدماغ التي تستخلص المعلومات الاجتماعية عندما يرى الناس أشخاصاً آخرين تنشط أيضاً عندما يرون وجهاً شبيهًا بالوجه. وقد استخدم الباحثون عملية تُعرف باسم “التكيف الحسي”، حيث يتأثر الإدراك بما تمت رؤيته مؤخراً.
في الدراسة، عُرض على الأشخاص الذين خضعوا للدراسة وجه ينظر إلى اليسار بشكل متكرر. ونتيجة لذلك، وُجد أن عيون الأشخاص الذين خضعوا للدراسة تنظر قليلاً إلى اليمين.
ووجد الباحثون أن التعرّض المتكرر لـ “الوجوه الباريدولية”، التي تبدو وكأنها تنظر في اتجاه معين من النظر، يسبب تحيزًا منهجيًا في إدراك المكان الذي يبدو فيه وجه الشخص.
يقول بالمر: “يؤدي التعرض المتكرر للوجوه في اتجاه نظر معين إلى تغيير حساسية الخلايا المشاركة في الكشف عن اتجاه النظرة”.
ويعتقد الباحثون أن هذا يحدث لأن الآليات الحسية المتداخلة يتم تنشيطها عند النظر إلى وجه بشري وإدراك الوجه الشبيه بالوجه. كما وجد الباحثون أيضاً أن إزالة الملامح الشبيهة بالوجه من الموضوع قلل بشكل كبير من هذه التأثيرات.
مع وجود عينين وفم، لا يحتاج الدماغ إلى الكثير ليخلق وجهًا بشريًا (روني ماكدونالد)
إن افتراضنا الغريزي بأن الأشياء اليومية تنقل لنا المشاعر يكشف لنا شيئًا ما عن آلياتنا الداخلية وأننا نسقط المشاعر على هذه الأشياء العادية.
وحتى إذا فهمنا أن البارييدوليا لا تحمل أي مشاعر، فإننا مجبرون على رؤيتها على أنها تحمل سمات شخصية مثل “اتجاه النظرة”.
وقد لاحظ الباحثون أيضًا أن وجوه الباريدوليا عبارة عن أوهام بصرية تنقل الشخصية والمعنى الاجتماعي وتثير المشاعر.
قد يكون السبب في أن الأجسام الباريدولية قد تشعر كما لو أنها تنظر إليك باستعلاء، أو تشكك في دوافعك أو تنقل نوعًا من المشاعر، هو أن ملامح الجسم تنشط آليات الدماغ التي تحاول قراءة هذا النوع من المعلومات من وجه الإنسان.
ضعف التعرف على الوجوه
بالإضافة إلى تأكيد كيفية معالجة أدمغتنا للوجوه، قد تثير هذه الدراسة أيضًا أسئلة جديدة حول فهمنا للضعف الإدراكي المتعلق بالتعرف على الوجوه.