كتبت: منه الخولي
أوضح مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية على صفحته الرسمية” الفيس بوك” حكم ادعاء الإنسان على جذب ما أراد من الأرزاق دون سعي لها أو معرفة الغيب او التنبؤ بالمستقبل.
وبين مركز الازهر ادعاء قُدرة الإنسان على: جذب ما أراد من الأرزاق دون سعي لها، أو التنبؤ بمستقبله من خلال حركة الكواكب، أو معرفة الغيب، أو قدرته على ترك جسمه المادي ولقاء الموتى أو لقاء أجسام نورانية وشيطانية بجسمه الأثيري عن طريق بعض الطقوسِ؛ أفكار وممارسات تخالف صحيح الدين والعلم، وتُضلل العقل، وتُسوِّل الجرائم لمرتكبيها، وامتهانها جريمة والكسبُ منها حرام.
كما اشار إلى أن الإسلام حفظ النَّفس والعقل، وحرَّم إفسادهما، وأنكر تغييب العقل بوسائل التغييب المادية كالمُسكِرات التي قال عنها سيدنا النبي ﷺ: “كلُّ مُسكِر خمر، وكل مسكِر حرام” [أخرجه أبو داود]، والمعنوية كالتَّعلُّق بالخُرافات.
فقد رأى سيدنا رسول الله ﷺ رجلًا علَّق في عضده حلقة من نحاس، فقال له: “وَيْحَكَ مَا هَذِهِ؟”، قال: من الواهنة -أي لأشفى من مرض أصابني-، قال ﷺ: “أَمَا إِنَّهَا لَا تَزِيدُكَ إِلَّا وَهْنًا، انْبِذْهَا عَنْكَ، فَإِنَّكَ لَوْ مِتَّ وَهِيَ عَلَيْكَ مَا أَفْلَحْتَ أَبَدًا”. [أخرجه أحمد وغيره]
واستطرد مركز الازهر أن العرب في الجاهلية كانت تزعم أنها ترى جِنًّا في الصحارى، يتراءى للمارين فيها ويتمثل في صور شتى ويضلهم عن طريقهم، يدعى (الغول) فأبطل سيدنا رسول الله ﷺ هذه الخرافة، وقال: “ولا غُول” [أخرجه مسلم]، وليس المراد هو نفي وجود الجن، وإنما المعنى أنه لا ينبغي للمسلم أن يعلق قلبه وعقله بضلال، ولا أن يتَّبع الخيالات والخرافات، ويعتقد فيها النَّفع والضُّر من دون الله.
كما جعل الإسلام الرضا بقدر الله واحدًا من أركان ستة قام عليها الإيمان بالله سبحانه، مع ضرورة السَّعي للأهداف، والأخذ بالأسباب المشروعة وحُسن الظَّن في الله سبحانه، حتى تأتي العبدَ أرزاقُ الله بطاعة لا بمعصية؛ فإن ما عند الله لا يُنال إلا بطاعته.
وتابع: وجعلَ ادعاءَ معرفة الغيب منازعةً لله فيما اختص به نفسه، واتباعَ العرافين ضربًا من الضلال الذي يفسد العقل والقلب، ويُشوش الإيمان، وعَدَّ الكسب منه كسبًا من حرام.
فما البال إذن إن أدى التمادي مع هذه الخرافات والأفكار لفساد الاعتقاد، وارتكاب الجرائم، باسم العلم، والعلم منها براء؟!
وأكد إن ما ينتشر -في هذه الآونة- من أفكار وطقوس وإيحاءات تدعم الخرافات والوساوس والتخيلات؛ وما يدعو إليه كثير من مدربيها، من قدرة الإنسان على معرفة الغيب، أو جذب كل ما أراد من الأرزاق بمجرد التفكير فيها دون سعي إليها من خلال ما يسمى بـ “قانون الجذب”، أو قدرته على خوض تجربة الاقتراب من الموت وترك جسمه المادي والطيران بجسمه الأثيري ومقابلة أشخاص في أزمان غابرة ورؤية أجسام ملائكية أو شيطانية من خلال ما يسمى بـ”الإسقاط النجمي”، أو أن النجوم فاعلة مُدبرة مؤثرة في مستقبل الإنسان ومصيره؛ لهي أفكار ضالة مُضِلَّة أودت بعقول كثير من الناس، بل وبحياتهم، وأدخلت الكثير منهم في أنفاق مظلمة من الإلحاد والاكتئاب والفقر والفشل والجريمة، أو في نوبات مزمنة من الاضطراب العقلي والنفسي والسلوكي، وقد ينتهي المطاف بأحدهم إلى إيذاء نفسه أو أهله، وقد تدفعه هذه الخرافات إلى قتل النفس التي حرّم الله؛ بزعم الراحة من الدنيا وعناءاتها.
وأضاف أن كل هذا يجعل امتهان هذه الأنماط المذكورة جريمة، والتكسب منها محرمًا، ويَقضِي ألَّا نراها -فكرًا وسلوكًا- إلا كجُملةٍ من المُخالفات الدينية، سيَّما وأن عامة هذه الطقوس المذكورة مُستجلَبَة من أديان وثنية، إضافة إلى أنها تصطدم والعلم التجريبي، الذي لا يعترف بمنهجيتها في استنتاجاتها المُدَّعاة.
وأكمل: خلاصة الأمر؛ أن الطقوس والأفكار المذكورة؛ ما هي إلا صورة مستحدثة من الدجل والخرافة والكهانة، أطلَّت على مجتمعاتنا في ثياب مهندمة منمقة، وبكلمات مرتَّبة منظَّمة تشبه كلام العلماء والعقلاء وليست منه في شيء، بل في طياتها الجهل والإثم، وصدق الحق سبحانه إذ يقول: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُون}. [الأنعام: 21]
واللهَ نسأل أن يحفظنا بحفظه، وأن يعافينا في ديننا ودنيانا، وأن يهديَنا سُبل الرَّشاد.