كتبت: منه الخولي
في إطار الدور التثقيفي الذي تقوم به وزارة الأوقاف اختتمت أمس الثلاثاء 14/ 5/ 2024م فعاليات الأسبوع الثقافي بمسجد المنارتين بالزاوية الحمراء، بعنوان: “آداب الاستئذان”، حاضر فيه أ.د/ أبو بكر يحيى عبد الصمد وكيل كلية الشريعة والقانون بالقاهرة، ود/ سعيد عامر الأمين العام المساعد للدعوة والإعلام الديني بمجمع البحوث الإسلامية سابقًا، وقدم له الأستاذ/ السيد صالح المذيع بإذاعة القرآن الكريم، وختم اللقاء بابتهالات للمبتهل الشيخ/ عبد اللطيف العزب وهدان، وبحضور عدد كبير من رواد المسجد.
وفي كلمته أكد أ.د/ أبو بكر يحيى عبد الصمد أن من أهم الآداب العامة التي ينبغي أن نحافظ عليها أدب الاستئذان، حيث يقول الحق سبحانه وتعالى: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ”، وأدب الاستئذان هو أدب راق، يدل على خلق صاحبه وعفته ورقيه وسمو أخلاقه، ويزداد الأمر بيانا بقول الحق سبحانه: “فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فِيهَا أَحَدًا فَلَا تَدْخُلُوهَا حَتَّى يُؤْذَنَ لَكُمْ وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ”، وعن أبي موسى (رضي الله عنه) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): “إِذَا اسْتَأْذَنَ أَحَدُكُمْ ثَلاَثًا فَلَمْ يُؤْذَنْ لَهُ فَلْيَرْجِعْ”.
على أن أدب الاستئذان لا يقف عند حد الاستئذان لدخول البيت فحسب إنما يتسع ليشمل سائر الخصوصيات والحقوق الفردية والمجتمعية، صيانة لكرامات الناس وحرماتهم وحرياتهم واحترام مشاعرهم، فلا تفتح حقيبة أحد إلا بإذنه، ولا تستخدم هاتفه إلا بإذنه، ولا تفتح حاسوبه أو تستخدمه إلا بإذنه، ولا تستعمل قلمه إلا بإذنه، ولا تستخدم مسبحته إلا بإذنه، فللناس خصوصياتهم التي ينبغي أن تحترم، ويشمل أيضًا الاستئذان عند الخروج من البيت ومغادرته، حيث يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): “إِذَا زَارَ أَحَدُكُمْ أَخَاهَ فَجَلَسَ عِنْدَهُ، فَلا يَقُومَنَّ حَتَّى يَسْتَأْذِنَهُ”.
وفي كلمته أكد د/ سعيد عامر أن من آداب الاستئذان غض البصر وعدم استقبال الباب، قَالَ (صلى الله عليه وسلم): “إنَّمَا جُعِلَ الاسْتِئذَانُ مِنْ أجْلِ البَصَرِ”، وقد ورد أن النَّبِي (صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) كَانَ إِذَا أَتَى بَابًا يُرِيدُ أَنْ يَسْتَأْذِنَ لَمْ يَسْتَقْبِلْهُ، جَاءَ يَمِينًا وَشِمَالًا، فَإِنْ أُذِنَ لَهُ وَإِلا انْصَرَفَ، ويقول (صلى الله عليه وسلم): “لا يَحِلُّ لامْرِئٍ مُسْلِمٍ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى جَوْفِ بَيْتٍ حَتَّى يَسْتَأْذِنَ، فَإِنْ فَعَلَ فَقَدْ دَخَلَ”.
وأن من آداب الاستئذان حسن اختيار الأوقات المناسبة للزيارة، مشيرًا إلى أن هناك أوقاتا لا يُحب الناس أن يستأذن عليهم أحد فيها؛ كالوقت المتأخر من الليل، أو الصباح الباكر جدًّا، أو عند الظهيرة، وقد قال الله تعالى: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمْ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ مِنْ قَبْلِ صَلاَةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنْ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلاَةِ الْعِشَاءِ ثَلاَثُ عَوْرَاتٍ لَكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلاَ عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْض” مشيرًا إلى أن النبي (صلى الله عليه وسلم) علَّمنا كيفيةَ الاستئذان وصيغته، فعَنْ رِبْعِيِّ بنِ عَامِرٍ (رضي الله عنه) أنَّ رجلاً اسْتَأْذَنَ عَلَى النَّبِيِّ (صلى الله عليه وسلم) وَهُوَ فِي بَيْتِه، فَقَالَ أَأَلِجُ؟! فَقَالَ النَّبِيُّ (صلى الله عليه وسلم) لِخَادِمِهِ: “اخْرُجْ إِلَى هَذَا فَعَلِّمْهُ الاِسْتِئْذَانَ، فَقُلْ لَهُ: قُلِ: السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ، أَأَدْخُلُ”، فَسَمِعَهُ الرَّجُلُ، فَقَالَ: السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ، أَأَدْخُلُ؟ فَأَذِنَ لَهُ النَّبِيُّ (صلى الله عليه وسلم) فَدَخَلَ”، فالسُّنة تقديم السلام قبل الاستئذان.