كتبت: منه الخولي
عَنْ أَبي هُرَيْرةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رسولُ اللَّهِ ﷺ: مَا يَزَال الْبَلاءُ بِالْمُؤْمِنِ وَالْمؤمِنَةِ في نَفْسِهِ وَولَدِهِ ومَالِهِ حَتَّى يَلْقَى اللَّه تَعَالَى وَمَا عَلَيْهِ خَطِيئَةٌ” رواه التِّرْمِذيُّ وَقالَ: حديثٌ حسنٌ صحِيحٌ.
الشرح الإجمالي للحديث
وفي هذا الحديثِ يقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: “ما يَزالُ البلاءُ بالمؤمِنِ والمؤمنةِ”، أي: لا يَنفَكُّ العبدُ المؤمِنُ مِن البلاءِ فيظَلُّ مُبتَلًى، ويظَلُّ البلاءُ يتَنزَّلُ عليه.
“في نَفسِه”، أي: في صِحَّتِه وجسَدِه، “وولَدِه”، أي: في أولادِه مِن مرَضٍ أو وفاةٍ أو عقوقٍ أو غيرِ ذلك، “ومالِه”، أي: مِن افتِقارٍ وذَهابِ تِجارةٍ وكَسادِ عيشٍ وضيقٍ في الرِّزقِ.
“حتَّى يَلْقى اللهَ وما عليه خَطيئةٌ”، أي: حتَّى يُكفِّرَ اللهُ عنه بذلك البلاءِ كلَّ ذُنوبِه وخَطاياه حتَّى إذا لَقِي اللهَ يكونُ قد طَهُر مِن كلِّ الذُّنوبِ والآثامِ الَّتي ارتكَبها، ويكونُ لهم على ذلك الجزاءُ الحسَنُ يومَ القيامةِ، وقد ورَد عن النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم أنَّه قال: “يوَدُّ أهلُ العافيةِ يومَ القيامةِ حينَ يُعطَى أهلُ البلاءِ الثَّوابَ لو أنَّ جُلودَهم كانت قُرِضَت في الدُّنيا بمقاريضَ”.
يحث هذا الحديث على الصبر وكظم الغيظ وعدم المسارعة في الانتقام؛ فإن الإنسان قد يغضب وقد يغضبه غيره، فالواجب النظر في العواقب والصبر حتى لا يقع فيما حرم الله عليه، والله يقول: وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ [الأنفال:46]، ويقول سبحانه: وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ [النحل:127]، ويقول جل وعلا: إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ [الزمر:10]، فالمؤمن من صفاته الصبر، ويقول ﷺ: عجبًا لأمر المؤمن، إن أمره كله له خير، إن أصابته ضراء صبر فكان خيرًا له، وإن أصابته سراء شكر فكان خيرًا له، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن.
وفي هذا الحديث يقول ﷺ: لا يزال البلاء بالمؤمن في نفسه وولده وماله حتى يلقى الله وما عليه خطيئة فالإنسان يبتلى تارة في نفسه بالمرض ونحوه وتارة بالولد وتارة بالمال فلا بدّ من الصبر.
وفي الحديثِ: فضلُ البلاءِ وأثَرُه في تكفيرِ الذُّنوبِ، وبيانُ أنَّه مِن شأنِ الصَّالحين.
The short URL of the present article is: https://kayan-misr.com/siqw