كتبت: رنا الخياط
في عام 1332 م، كان الملك فيليب السادس ملك فرنسا يفكر في قيام حملة صليبية لاستعادة الأراضي المقدسة في الشرق. وكان من عادته أن يستمع إلى نصائح أولئك الذين عاشوا في الشرق أو مروا به. وقد التقى بكاهن ألماني اسمه “بركاردوس” الذي قدم له نصيحة مبنية على خبرته الخاصة، وأهم نصيحة كانت الابتعاد عن الجماعات التي قال عنها إنها “جماعة يجب أن تلعنها البشرية”.
ومع ذلك، كانت النصيحة الأهم هي الابتعاد عن الجماعات التي قال إنها جماعة يجب أن تلعنها البشرية وتتجنبها. فقد وصفهم القس الألماني بأنهم “يبيعون أنفسهم ويتعطشون للدماء ويقتلون الأبرياء من أجل المكافأة ولا يراعون للحياة أو البقاء على قيد الحياة”.
“إنهم يتشبهون بحركات ولباس ولغة وعادات الأمم والشعوب المختلفة، كما يحول الشيطان نفسه إلى ملاك من نور. إنهم ينفذون أغراضهم في ثياب الخراف، وهم في خطر الموت الفوري إذا اكتشفهم الناس. إنهم غير معروفين بسبب قبح مهنتهم
ولأن الجميع يكرهونهم، ويحاولون إخفاء أسمائهم قدر الإمكان”.
أراد الملك أن يعرف اسم الجماعة، فأجابه بركارداس: “حشاشين”.
فقال الملك: “لا، لم أرهم قط. أنا أعرفهم فقط من خلال الشهرة والكتب”.
من المفترض أن هذه كانت العلاقة الفعلية بين المؤرخين الغربيين والحشاشين، وكانت تلك العلاقة علاقة سمعية في المقام الأول. والدليل على ذلك هو استخدام مصطلح “الحشاشين”، الذي يقول العديد من المؤرخين إنه استخدم في وقت اختفت فيه الجماعة نفسها تمامًا.
ومع ذلك، يذكر المؤرخ البريطاني برنارد لويس في كتابه “الحشاشون: فرقة ثورية في تاريخ الإسلام” أن الجماعة نفسها أطلقت على نفسها هذا الاسم: ” ذكر المؤرخ الفلورنسي جيوفاني فيلاني (ت 1348) أن الحكام الأوروبيين كانوا يرسلون الحشاشين لقتل الأعداء المزعجين؛ وفي القرن الرابع عشر، وصف دانتي، مؤلف الكوميديا الإلهية الشهيرة، أحد الشعراء بأنه “حشاش خائن”. يعرّف شُرّاح الكوميديا الإلهية مصطلح الحشاش الخائن بأنه الشخص الذي يقتل الآخرين من أجل المكافأة.
ومن الطرائف الأخرى أنه في عام 1175، قيل لمبعوثي الإمبراطور فريدريش بربروسا إلى مصر وبلاد الشام أن “هناك مجموعة من الناس يسمون أنفسهم “الحشاشين” ويعرفون بالرومانية باسم “أمراء الجبال”. وليس لهم شريعة ولا قانون، وينكحون أمهاتهم وأخواتهم ويقيمون في الجبال خلف أسوار القلاع المحصنة.
أما عن زعمائهم، فقد شهد مبعوث باربروسا بما يلي:” إن لهم سيدًا يلقي الرعب في قلوب جميع أمراء العرب القريبين والبعيدين”. لأن من عادته أن يقتلهم بأعجب ما يكون.”
وبحسب المؤرخ لويس فإن الشيخ كان يملك عدداً من القصور في الجبال، محاطة بأسوار عالية جداً بحيث لا يستطيع أحد الدخول إليها إلا من أبواب صغيرة شديدة الحراسة. وقد ربى في هذه القصور العديد من أطفال الفلاحين الذين كان يأويهم منذ نعومة أظفارهم، حيث كان يعلمهم لغات مختلفة منها اللاتينية والإيبيرية. وقد لقن هؤلاء الصغار من قبل معلميهم أن عليهم أن يطيعوا كل ما يقوله ويأمر به سيد القصر، وأنه يحكم جميع الآلهة ويمنحهم ملذات الجنة. هذه هي النقطة الرئيسية في تصوير هذه المجموعة، وهو التصوير الذي اتبعه العديد من المؤرخين.
The short URL of the present article is: https://kayan-misr.com/atpa