بقلم الشاعر/ روماني صبحي
الثقافة فى أي أمة هي المعيار الحقيقي الذي يساهم فى تقدمها ورقيها وهي المحدد الرئيس للهوية ويترتب عليها ،النطورات والتغيرات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية ،كما أنها تشكل المفاهيم الأخلاقية المختلفة مثل التسامح وحب الخير والتعاون من أجل المصلحة العامة وأيضاً الإلتزام بالسلوكيات اللازمة للنمو والتحضر ورفع مستوي الكفاءة الحياتية.
ووفقا لعلماء الانثروبولوجيا أو علم الإنسان ،الثقافة هي الخصائص والمميزات المعرفة للسكان فى كل دولة أو مجتمع والمحددات لعاداتهم ومختلف جوانب حياتهم مثل الدين واللغة والطباع الشخصية والفنون وأنواع الموسيقي، والسلوكيات والتصرفات المجتمعية بالإضافة إلي مراسم الزواج وطرق التفكير فيما هو خطأ أو صواب .
ومن هنا تتعدد الثقافات واللغات والطباع ومفاهيم الحق والباطل فى مختلف دول العالم ،ومما أشرنا إليه فى الفقرة السابقة نجد أن أنواع الموسيقي كمثال فى مجتمعنا وظاهرة أغاني المهرجانات وسطحية الطرح مع سوء الكلمات وطرحها بدون رقابة أو ضوابط ووصولها للجمهور ساهمت بشكل ملفت فى إفساد الذوق العام وتدني المستوي الأخلاقي وانهيار القيم ،والمثل ومع كثافة انتشارها ،يزداد الأمر سوءا .
ووجد أن اللغة المستخدمة فى مثل هذه النوعية من الأغاني تتسم بالسب والقذف والتوعد بالانتقام ويؤدي ذلك للترويج لانتشار العنف والذي يساهم بشكل كبير فى إنتشار الجرائم كالقتل والسرقة والزنا وما إلي ذلك ،من المسئول عن هذا ،نقابة المهن الموسيقية أم وزارة الثقافة أم وزارة الإعلام أم الرقابة علي المصنفات الفنية أم المجتمع المتلقي أم صناع هذا المحتوي ،فى الحقيقة الجميع مسئول عن هذه الظاهرة وهي مثال بسيط لانهيار المستوي الثقافي فى المجتمع وتدنيه ،الجميع يساهم فى تكوين هذا المشهد الثقافي بالايجاب أو بالسلب.
واعود لاذكر حقبة تاريخية من تاريخ مصر فى زمن الفن الجميل ،كانت الجماهير تنتظر حفل أم كلثوم ليلة الخميس الأول من كل شهر ،ليستمتعوا باغانيها وكلماتها الراقية ،وكان الجميع يردد أغانيها فى المقهي وفى الشارع وفى الأحياء الراقية والأحياء الشعبية الأصيلة،وكذلك الفن عموما كان يقدم قيمة أو قدوة أو مثل أعلي او هدف للمتلقي، كانت رسالة الفن هادفة إلي حد كبير ، أين نحن من هذا الزمن ولماذا وصلنا لهذا الحد من إفساد الذوق العام وانهيار المشهد الثقافي في مصر ، ومن ثم علينا أن نتعرف علي فوائد الثقافة للفرد والمجتمع .
الثقافة كما ذكرنا هي المعيار الرئيس وراء التكوين الفكري والعاطفي بجانب وضع أسس وقواعد التعليم والتعامل بين الأفراد وتشكيل المنظومة الثقافية ،مما يترتب عليه أنشطة المتاحف والمسارح والمكتبات ، كذلك تحسين جودة التعليم واستدامة التعلم والاطلاع مدي الحياة .
فالثقافة حياة معاشة لمن يقدر قيمتها ،وتاثيرها علي المجتمع وتطويرها له، كذلك تطوير المهارات الرياضية من فوائد الثقافة لتنشئة جيل مختلف والاهتمام بمحو الأمية المتعلقة بالقراءة والكتابة وكذلك الخاصة بالمحتوي التكنولوجي والإلكتروني ،تساهم أيضاً فى تطوير مجال الرعاية الصحية ولا نقصد بها ، الرعاية الجسدية فقط ولكن النفسية والعقلية فالثقافة تعد المعيار الأساسي وراء التقدم الصحي فى الأمم .
كذلك من فوائد الثقافة تأسيس مجتمع حي وحيوي ونشيط مثل التعاون والعلاقات بين الأفراد والتسامح ومساعدة الغير ،وحل مشكلات الفقر وانهيار القيم وبناء القيم المجتمعية وتعزيز قيمة الإنتماء للمكان والبيئة والوطن ،كذلك الثقافة لها فوائد كبيرة علي الإقتصاد فهي تخلق فرص عمل بدنية وعقلية وابداعية،وتنشط مجالات السياحة لأنها عامل جذب يجعل الكثير يقبلون علي السفر لكي يتعرفوا علي ثقافات جديدة ،وفى النهاية علينا كجهات مسئولة عن تنمية الثقافة الإهتمام بشكل أعمق وأكبر بالجانب الثقافي لأنه متصل بكل الجوانب الأخري التي تساهم فى تنمية مجتمعنا وتقدمة والنهوض به .
The short URL of the present article is: https://kayan-misr.com/sxp1